في أغسطس 2022 قام مجلس «الشيوخ» بتمرير مشروع قانون المناخ الضخم الذي أتى به «الديمقراطيون»، انتشرت التهاني والمباركات بين أنصار البيئة من كاليفورنيا إلى فرجينيا الغربية. ولكن في نشوة فرحهم بحجم «قانون تقليص التضخم»، ربما يجدر بهم التوقف قليلاً للاعتراف بالعوامل التي سمحت بقدوم هذه اللحظة. 
حزمة ال370 مليار دولار صمدت في وجه عملية سياسية حكمت على الكثير من الجهود السابقة بالفشل لأن الطاقة النظيفة أصبحت أخيرا رخيصةً بما يكفي للشروع في إبعاد البلاد عن الوقود الأحفوري. 
المشكلة هي أن سلسلة التطورات التكنولوجية التي ستمكّن مشروع قانون المناخ من نقل الولايات المتحدة إلى مستقبل أقل استهلاكاً للكربون ليست كافية لإيصال البلد إلى هدفه المتمثل في تقليص الانبعاثات بالنصف بحلول 2030، مقارنة مع 2005، وإزالتها بشكل كامل بحلول منتصف القرن. فلتحقيق هذه الغاية، يجب أن تصبح إزالة الكربون أرخص بكثير. وسيصبح الحصول على مكاسب مستقبلية أصعب. 
تقليص الكلفة حتى الآن ليس له علاقة كبيرة بالنضال البيئي الأميركي. والفضل ينبغي أن يعود، في المقام الأول، إلى الصين وألمانيا. وإلى جورج ميتشل. 
فقرار ألمانيا في 2010 استبدال معظم بنيتها التحتية الكهربائية بالطاقة المتجددة ربما لم يكن صائبا بالكامل، ولكنه خلق سوقا موثوقة لتكنولوجيا الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. والصين استخدمت قوتها التصنيعية لخفض كلفة توربينات الهواء والألواح الشمسية. ونتيجة لذلك، باتت بعض مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تنتج الكهرباءَ اليوم بكلفة أقل من أرخص مولدّات الكهرباء التي تشتغل بالغاز والفحم. 
وفضلا عن ذلك، أنفق رجل الأعمال المشتغل في قطاع النفط «جورج ميتشل» 6 ملايين دولار وقضى عقدا من الزمن من أجل اكتشاف كيفية تكسير الصخور الزيتية لتحرير طبقات الغاز والنفط المحبوسة، ما دفع شركات الكهرباء إلى الانتقال إلى الغاز الرخيص فجأة وتقليص استهلاك الفحم بنسبة 40 في المائة من 2007 إلى 2020. 
هؤلاء اللاعبون الثلاثة أضاءوا «خط النهاية»، ما خفّض كلفة خفض ثاني أوكسيد الكربون إلى حد كانت الطبقة السياسية الأميركية مرتاحة معه.
وفي هذا الصدد، قال لي مايكل غرينستون، الذي يرأس «معهد سياسة الطاقة» في شيكاغو: «إن فَرق الكلفة بين الوقود الأحفوري والطاقة منخفضة الكربون تقلَّص خلال ال10 سنوات الماضية بطريقة دراماتيكية»، مضيفا «لأول مرة سمح ذلك لسياسات متواضعة بتحقيق انخفاض حقيقي في الكربون». 
تفكيك انبعاثات الكربون الأميركية يساعد على شرح إلى أي حد أصبح تقليصها رخيصا. فالاقتصاد الأميركي اليوم أكبر بحوالي 25٪ مما كان عليه في 2005، ومع ذلك، فإن البلاد تنتج انبعاثات أقل ب20٪ من استخدام الطاقة. 
وهذا لأن الاقتصاد بات يستهلك قدرا أقل بكثير من الطاقة لكل دولار من الناتج المحلي الخام مما كان يفعله قبل 17 عاما. غير أنه خلال ال10 سنوات الماضية، أصبحت الطاقة الأميركية أيضا أقل استهلاكاً للكربون. 
وجزء كبير من الفضل في هذا يعود إلى ميتشل. ذلك أنه مقابل كل وحدة من الطاقة يتم إنتاجها، يتسبب الغاز الطبيعي في انبعاث 54٪ فقط من الكربون الذي يتسبب في انبعاثه الفحم. وهذا يفسّر لماذا بات كل «جول» من الطاقة يستخدَم في الاقتصاد الأميركي يُنتج 15٪ أقل من ثاني أوكسيد الكربون تقريباً مما كان يفعله قبل عقد من الزمن. 
«قانون تقليص التضخم» يعتمد على هذه المعطيات الاقتصادية الجديدة. فبعض الائتمانات الضريبية الخاصة بالطاقة النظيفة، على سبيل المثال، تخلق مزايا تعادل أضعاف الكلفة بثلاث إلى أربع مرات. هذا النوع من الموازنة بين التكاليف والأرباح لم يكن موجودا قبل 10 أعوام. إذ يقول غرينستون: «إن السياسة المناخية باتت أقل كلفة اليوم»، مضيفا «إننا نقطف ثمار ذلك اليوم». 
وفقاً لتقديرات مؤسسة «روديوم غروب»، فإن مشروع القانون الذي مرّره مجلس الشيوخ الصيف الماضي يمكن أن يؤدي إلى خفض بنسبة 40 في المائة من انبعاثات الكربون بحلول 2030، مقارنة مع 2005. وهذا لا يرقى بالطبع إلى خفض ال50 في المائة التي وعدت بها الولايات المتحدة في باريس عام 2015، ولكنه قريب منه. 
وللوصول إلى هذا الهدف، يجب على الولايات المتحدة السير على طريق أكثر انحداراً من ذاك الذي سلكته خلال ال20 عاما الماضية. وإذا ثبتت صحة توقعات «مكتب ميزانية الكونجرس» حول النمو الاقتصادي، فإنه بحلول 2030 يجب على الولايات المتحدة أن تضمن ألا يؤدي إنتاج كل دولار من الناتج المحلي الإجمالي إلا إلى 189 غرام من ثاني أوكسيد الكربون، أي نصف ما تنتجه من انبعاثات اليوم. 
للأسف، ثورة التكسير الصخري حققت معظم فوائدها. وكذلك الحال بالنسبة للاتفاق بين ألمانيا والصين الذي حقق طاقة من الشمس والرياح رخيصة. وعليه، فربما سيتطلب مزيد من خفض الكربون تبني الطبقة السياسية الأميركية لحلول أغلى.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيت»